كيف تتبرأ واشنطن من جرائم حلفائها؟

نشر موقع "ذا كونفرسيشن"، مقالا لباحثين تناولا فيه الوصفة الأميركية في التعامل مع ما توصف بالفظائع والجرائم التي يرتكبها حلفاؤها.
وفي مقالهما المشترك، ناقش الباحثان في قضايا الإبادة الجماعية، "جيف باكمان" و"إستر بريتو رويز"، تطوير الولايات المتحدة لمجموعة من الأساليب الخطابية الممنهجة للتقليل من شأن الفظائع التي يرتكبها حلفاؤها، وتبرير استمرار دعمها السياسي والعسكري لهم حتى عندما تكون الانتهاكات موثقة وعلنية.
وتتبع الباحثان -وهما أستاذان في كلية الدراسات الدولية المتقدمة التابعة للجامعة الأميركية بالعاصمة واشنطن- أكثر من حالة، من بينها؛ دعم إندونيسيا في تعاملها مع تيمور الشرقية (1975-1999)، ودعم غواتيمالا خلال الإبادة الجماعية في أوائل الثمانينيات، والدعم غير المشروط لإسرائيل في حربها على قطاع غزة (منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023).
إستراتيجيات أميركا الخطابية
رصد الباحثان 6 إستراتيجيات خطابية استخدمها المسؤولون الأميركيون علنا للنأي ببلدهم عن "الفظائع التي يرتكبها من يتلقون دعم الولايات المتحدة"، وهي:
- التظاهر بالجهل
المسؤولين الأميركيين عندما ينفون علمهم بالفظائع التي ترتكبها أطراف تتلقى دعما من الولايات المتحدة، فإنهم بذلك فقط يتظاهرون بالجهل.
- التشويش على الحقائق
عندما لا يمكن تجاهل الأدلة على الفظائع، يلجأ المسؤولون الأميركيون إلى التشويش على الحقائق.
- الإنكار
مع تزايد الأدلة على الفظائع وعلى هوية مرتكبيها، غالبا ما يلجأ المسؤولون الأميركيون إلى الإنكار، ورغم إقرارهم بأن بلادهم تقدم المساعدات للدول المتهمة بتنفيذ تلك الجرائم، فإنهم يجادلون بأنها لم تُستخدم مباشرة في ارتكاب تلك الأفعال.
- التشتيت
عندما تصل التحقيقات العلنية بشأن الدعم الأميركي إلى مستوى يصعب تجاهله، يستخدم المسؤولون الأميركيون إجراءات شكلية أو مؤقتة تقوم على الإلهاء وتشتيت الانتباه. وليس الهدف من ذلك تغيير سلوك الطرف المتورط المستفيد من الدعم الأميركي، بل هو حيلة سياسية الغرض منها تهدئة منتقديها.
- التضخيم الإيجابي
عندما تكون الفظائع التي يرتكبها المستفيدون من الدعم الأميركي ظاهرة للعيان، يستخدم المسؤولون الأميركيون إستراتيجية التضخيم لمدح القادة الحلفاء وتصويرهم على أنهم جديرون بالمساعدة.
ويقول الباحثان في مقالهما إن هذا التضخيم لا يرفع مكانة القادة أخلاقيا فحسب، بل يبرر أيضا العنف الذي يمارسونه.
- الدبلوماسية الهادئة
كثيرا ما يدّعي المسؤولون الأميركيون أنهم ينتهجون "دبلوماسية هادئة"، أي العمل خلف الكواليس لكبح سلوك المستفيدين من دعم الولايات المتحدة لهم.
استنتاجات المقال
- يشير المقال إلى أن هذه الأساليب ليست مجرد أدوات دعائية، بل تشكل جزءا من سياسة متكاملة تمكّن واشنطن من الحفاظ على تحالفاتها ومصالحها، مع تجنّب المحاسبة الدولية أو الداخلية.
- ويخلص المقال إلى أن استمرار هذه الرواية المضللة يعتمد على عاملين حاسمين، هما لغة الخطاب الأميركي الرسمية التي تعيد صياغة الحقائق، وقابلية الرأي العام -المحلي والعالمي- لتصديق هذه اللغة أو تجاهلها.
مصدر المقال
تجدر الإشارة إلى أن موقع "ذا كونفيرسيشن" انطلق في ملبورن بأستراليا في مارس/آذار 2011، وقد انطلقت النسخة البريطانية في مايو/أيار 2013، تلتها نسخ في الولايات المتحدة الأميركية (2014)، وجنوب أفريقيا وفرنسا (2015)، وكندا وإندونيسيا ونيوزيلندا (2017)، وإسبانيا (2018)، والبرازيل (2023).