تصادم السفن الصينية والفلبينية.. صراع تاريخي واصطدام يُشعل بحر الصين الجنوبي

شهد بحر الصين الجنوبي حادثة تصادم مدوّ بين سفينتين صينيتين خلال مطاردة قارب فلبيني، يم الثلاثاء الماضي، في مشهد يجسد توترًا بحريًا متصاعدًا، أثار هذا الاشتباك العنيف تساؤلات حول الخلاف التاريخي العميق بين الصين والفلبين على المياه المتنازع عليها، فمن الشعاب المرجانية والجزر المتناثرة، إلى الصدامات الدبلوماسية والبحرية؛ يبدو أن جذور هذا الصراع ضاربة في عقود من المطالبات المتعارضة والمواجهات المحتدمة.
جذور الخلاف التاريخي بين بكين ومانيلا
- مطالب سيادية متداخلة: تعود جذور النزاع لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مع مطالبة الصين بمعظم بحر الصين الجنوبي عبر ما يعرف بـ "خط التسع نقاط"، مقابل تأكيد الفلبين سيادتها على مناطق ضمن منطقتها الاقتصادية، الأمر الذي تسبب بحالة من الاشتباك الدبلوماسي منذ ستينيات القرن الماضي.
- أهمية استراتيجية وثروات هائلة: البحر المتنازع عليه ليس مجرد مياه؛ بل ممر لـ 60% من التجارة البحرية العالمية، ويحتوي على مخزونات ضخمة من النفط والغاز والثروة السمكية، هذه المغريات جعلت كل طرف يتشبث بموقفه ويرفض التنازل.
- محطات توتر بارزة: في 2012 وقعت مواجهة في شعاب سكاربورو بين أسطولي البلدين انتهت بسيطرة الصين على المنطقة، وفي 2016 ربحت الفلبين قضية تحكيم دولية رفضت الصين الاعتراف بها، مما زاد الخلاف تعمقًا.
"تصادم مدوّ" يشعل المواجهة البحرية
- أثناء قيام خفر السواحل الفلبيني بمرافقة قوارب صيد قرب شعاب سكاربورو المتنازع عليها، طاردتهم سفن صينية بسرعة عالية، نفذت إحدى سفن خفر السواحل الصينية "مناورة محفوفة بالمخاطر" فوقعت في مسار مدمرة تابعة لبحريتها فاصطدمتا وجهاً لوجه، المشهد الذي وثّقته الكاميرات كان دراميًا؛ مقدمة السفينة الأصغر تهشمت تمامًا وجعلتها غير صالحة للإبحار.
- سارعت مانيلا لاتهام بكين بالتهور وتعمد التصعيد الخطير الذي كاد يشعل مواجهة مباشرة. بالمقابل، اتهمت الصين الفلبين بـ "التوغل بالقوة" في مياهها وحمّلتها مسؤولية الاستفزاز، دون أن تعترف رسميًا بالتصادم.
- سلّط الحادث الضوء على مدى اقتراب البلدين من مواجهة غير محسوبة النتائج، وجود أفراد طاقم صينيين كادوا يُسحقون بين السفينتين، وعرض الفلبين المساعدة الذي قوبل بصمت صيني، يظهر أن شرارة بسيطة كان يمكن أن تتحول لاشتباك أوسع في منطقة تعج بالسفن العسكرية.
أبعاد التصادم وانعكاساته
- يرى محللون أن بكين ربما أرادت توجيه تحذير شديد اللهجة عبر استعراض القوة بهذا الانتشار الكثيف لخفر سواحلها، لكن النتيجة أتت عكسية؛ فالسفينة الصينية المتضررة باتت رمزًا لـ "نيران صديقة" تبرز خطورة هذه المناورات العدائية.
- الرئيس الفلبيني، ماركوس جونيور، شدد على استمرار دوريات بلاده في المنطقة "مهما كان الثمن" دفاعًا عن سيادتها، كما جددت مانيلا تفعيل تحالفها الدفاعي مع الولايات المتحدة تحسبًا لأي تصعيد، مستندة إلى تأكيدات واشنطن بأن أي هجوم على سفن فلبينية سيُعدّ ملزمًا بالرد ضمن المعاهدة الدفاعية.
- دول آسيوية أخرى تراقب بقلق؛ إذ أن انزلاق الوضع قد يهدد أمن واحد من أهم الشرايين التجارية بالعالم. أكثر من 3 تريليون دولار من التجارة تمر سنويًا عبر هذه المياه، وأي اضطراب فيها سيؤثر على الاقتصاد العالمي.