واشنطن تمنع مسؤولي السلطة الفلسطينية من دخول أراضيها لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة

أعلنت الإدارة الاميركية، أمس الجمعة، رفض منح تأشيرات للمسؤولين الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، الذين كانوا ينوون المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر/ أيلول المقبل، فلماذا هذا القرار؟
فشل في الالتزامات ودعم للإرهاب
قال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية إن القرار يستند إلى "القانون الأميركي وموقف الإدارة الثابت تجاه فشل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير في الوفاء بالتزاماتهما المتعلقة بالسلام"، متهماً إياهما بدعم الإرهاب وتقويض المفاوضات مع إسرائيل.
وأضاف البيان أن "مصلحة الأمن القومي الأميركي تقتضي محاسبة الكيانات الفلسطينية على إخلالها بالتزاماتها وتقويضها لآفاق السلام"، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية رفضت إدانة هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، فضلاً عن استمرار التحريض في المناهج التعليمية الفلسطينية.
انتقادات بسبب الحرب القانونية والسعي للاعتراف بالدولة
وانتقد البيان الأميركي توجه السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية فيما وصفه بـالحرب القانونية، معتبراً أن هذه الخطوات تتجاوز المفاوضات المباشرة مع إسرائيل وتساهم في انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة.
كما أشار البيان إلى أن سعي السلطة الفلسطينية وراء اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية زاد من تصلب مواقف حماس في ملف الرهائن، وساهم في إفشال جهود التسوية.
قوانين أميركية داعمة للقرار
واستندت الخارجية الأميركية في قرارها إلى قانون الامتثال لالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية لعام 1989 (PLOCCA) وقانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002 (MEPCA)، واللذين يلزمان واشنطن بمحاسبة أي كيان فلسطيني يتقاعس عن مكافحة الإرهاب أو يرفض الانخراط في عملية السلام.
استثناءات أممية ونافذة مفتوحة
رغم صرامة القرار، أكدت وزارة الخارجية أن بعثة السلطة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة ستحصل على إعفاءات خاصة بموجب اتفاقية مقر الأمم المتحدة، مما يتيح لها مشاركة محدودة في أعمال المنظمة، كما شددت على استعدادها لإعادة التواصل مع الفلسطينيين إذا اتخذوا خطوات ملموسة نحو العودة لمسار المفاوضات والتعايش السلمي مع إسرائيل.
إدانات فلسطينية ودولية
انهالت الانتقادات من منظمات حقوقية ومسؤولين فلسطينيين، إذ وصفت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، القرار بأنه غير قانوني وغير أخلاقي، معتبرةً أنه يزيد من عزل الفلسطينيين الذين يواجهون ما وصفته بإبادة جماعية في غزة.
أما حسام زملط، سفير فلسطين في لندن، فقد أدان العقوبات الأميركية واعتبرها محاولة متعمدة لإسكات الصوت الفلسطيني على الساحة الدولية، متهماً واشنطن بأنها تعاقب الضحية وتغض الطرف عن جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، مضيفا أن الأمر لا يتعلق بالسلام، بل بترسيخ الاحتلال ومكافأة العدوان»، مشيراً إلى مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني منذ أكتوبر 2023.
ترحيب إسرائيلي بالقرار
فيما أشاد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بالخطوة الأميركية، مثمناً ما وصفه بـالوضوح الأخلاقي لإدارة ترامب في مواجهة ما أسماه سياسات الدفع مقابل القتل والتحريض في المناهج ووسائل الإعلام الفلسطينية.
خطوة ذات دلالات سياسية عميقة
يرى محللون أن القرار الأميركي لا يمثل مجرد منع تأشيرات، بل هو جزء من استراتيجية أوسع لإدارة ترامب لإعادة رسم سياسات الشرق الأوسط، وبرغم أن الأثر العملي محدود نسبياً، نظراً إلى القيود المفروضة مسبقاً على دخول المسؤولين الفلسطينيين الأراضي الأميركية، فإن الثقل الرمزي للخطوة كبير، خصوصاً مع تحرك قوى دولية مثل فرنسا وبريطانيا وكندا نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، في تحدٍ مباشر للموقف الأميركي.
رسالة واضحة قبل اجتماعات نيويورك
ويخلص المحللون إلى أن إلغاء التأشيرات يمثل رسالة سياسية مباشرة من إدارة ترامب قبل أسابيع من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مفادها أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي خطوة تُفسر على أنها مكافأة للإرهاب أو تجاوز لإسرائيل، غير أن هذه المقاربة، وفق المراقبين، تهدد بتأجيج الانقسام وتعقيد فرص التسوية، في وقت يشهد الشرق الأوسط تصعيداً عسكرياً خطيراً وتعثراً لمحادثات وقف إطلاق النار.