في ذكرى محاولة اغتيال خالد مشعل في عمّان.. ما الذي حدث؟

ملخص :
قبل أسبوع من تنفيذ واحدة من أكثر عمليات الموساد إثارة للجدل، وصل إلى العاصمة الأردنية عمّان فريق مكوّن من ستة عملاء يحملون جوازات سفر كندية، مهمتهم اغتيال خالد مشعل، زعيم حركة حماس، بعد أن صادق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس الموساد -آنذاك- داني ياتوم.
فريق متنوع وخطة سرية
جاء الفريق من مدن مختلفة، بينها باريس، وتورنتو، وأمستردام، وضم طبيبًا مجهزًا بترياق تحوطًا لأي حادث محتمل أثناء حقن السم في الهدف، وبسبب حساسية العلاقات مع الأردن، استبعد الموساد أي خيارات أخرى مثل الضربات الصاروخية، أو استخدام وحدات خاصة، فكان الهدف قتل مشعل بطريقة خفية تمامًا ودون أي أثر يشير إلى إسرائيل.
ما الخطة؟
اعتمدت الخطة على سم قوي يؤدي إلى نوبة قلبية خلال ساعات، ويتم توصيله عبر حقنة تعمل بالموجات فوق الصوتية من دون أي أثر، ويكفي أن يقترب العميلان من الضحية ويحقنانه في رقبته بينما يشتت الآخر الانتباه بعلبة كوكاكولا مفتوحة، لتتداخل رذاذات السم مع رذاذ المشروب، فتتم العملية دون أن يلحظ أحد شيئًا.
محاولة فاشلة
لم يتمكن الفريق من تنفيذ العملية حتى صباح 25 سبتمبر/أيلول، بعد أسبوع كامل من التربص، حينها كان مشعل متجهًا إلى مكتبه، وكما هي العادة، كان سائق مشعل وأحد حراسه سينقلان الأطفال إلى المدرسة بعد إيصال والدهم للعمل، لكن خروج ابنة مشعل فجأة من السيارة قلب كل التوقعات.
لاحظ السائق شخصين مشبوهين يلاحقان مشعل، وظهرت الحقنة وكأنها سكين، نادى السائق مشعل بصوت عالٍ، وعندما التفت، رش العميل السم عليه، ورغم انطلاق السم باتجاه الهدف، انكشفت العملية على الفور.
المواجهة والقبض على العملاء
ركض مشعل نحو مكتبه، فيما حمل السائق ابنته إلى السيارة، وحاول العميلان الفرار، لكن الحارس، محمد أبو سيف، لاحظ التحركات المريبة، تبعهم وسجل رقم السيارة، وفي اشتباك مع الأهالي تمكن من القبض عليهما، بينما نُقل مشعل بسرعة إلى المستشفى، فيما أُعيد بقية الفريق إلى السفارة الإسرائيلية.
وكشف الأطباء الأردنيون أن مشعل حقن بجرعة كبيرة من مركب أفيوني أدت إلى شلل الجهاز التنفسي، لكنه نجا بفضل التدخل الطبي السريع.
الملك الحسين يتدخل.. موقف حازم
اتخذ العاهل الأردني وقتها، الملك الحسين بن طلال، موقفًا حازمًا تجاه الانتهاك الإسرائيلي لسيادة بلاده، معلنًا بوضوح "لن نسمح أبداً بانتهاك أراضينا أو استهداف أي شخصية على أرض الأردن. العدالة ستأخذ مجراها"، مؤكدا أن حياة مشعل مرتبطة باستمرار اتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل، وأصدر الملك الحسين تعليماته بمنع تهريب العملاء من مبنى السفارة الإسرائيلية
تسوية الأزمة ونتائج العملية
نجحت السلطات الأردنية في فرض تسوية، حيث قدمت إسرائيل الترياق المضاد للسم، وخرج خالد مشعل من الغيبوبة في 27 سبتمبر/ أيلول 1997، منهياً بذلك محاولة الموساد لاغتياله بفشل ذريع، وأُفرج عن عدد من السجناء الفلسطينيين مقابل عملائها، على رأسهم الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، الذي نقل إلى الأردن عبر مروحية ليتلقى هو الآخر علاجه في المدينة الطبية العسكرية في عمّان.
القاتل يتحدث
روى عميل الموساد السابق، ميشكا بن ديفيد، وهو أحد أفراد فريق اغتيال مشعل، أن الفريق "اقترح عدة طرق لاغتيال مشعل، منها تفخيخ سيارته، أو إطلاق النار عليه من مسافة بعيدة أو الاقتراب منه مباشرة، لكن رئيس الوزراء -آنذاك- بنيامين نتنياهو أراد طريقة صامتة لا تترك أي أثر".
وقرر عملاء الموساد استخدام السم لتنفيذ العملية، وأوضح بن ديفيد، الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الاستخبارات في الوحدة التنفيذية، أن عميلين "تمكنا من رش المادة السامة عليه، لكن أحداثاً غير متوقعة أدت إلى اعتقالهما"، مضيفا "كنت أحمل ترياق السم تحسباً لإصابة أحد العملاء، لكن في النهاية كان مشعل المستفيد، إذ تفاوض الأردن لإطلاق سراح العميلين الإسرائيليين مقابل إنقاذه".