لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق بانتهاكات الفاشر في السودان

ملخص :
اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس الجمعة، قراراً يقضي بإيفاد بعثة مستقلة لتقصي الحقائق في السودان، تتولى التحقيق وتوثيق جميع الانتهاكات المشتبه بارتكابها في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، ويشمل التفويض تحديد هوية المسؤولين عن تلك الانتهاكات تمهيداً لمحاسبتهم أمام العدالة الدولية، وجاء القرار في ختام جلسة طارئة عقدها المجلس بطلب من كل من المملكة المتحدة، وألمانيا، وهولندا، وآيرلندا، والنرويج، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد أعمال العنف في الفاشر.
انتقادات شديدة لتقاعس المجتمع الدولي
وفي افتتاح الجلسة، وجّه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، انتقادات حادّة لعدم تحرك المجتمع الدولي رغم التحذيرات المتكررة من خطورة الوضع، قائلا "بقع الدم التي تلطّخ الأرض في الفاشر تم تصويرها من الفضاء"، مضيفاً أن وصمة العار في سجل المجتمع الدولي أقل وضوحاً؛ لكن آثارها ليست أقل خطورة.
وأكد تورك أن الفظائع الجارية في الفاشر تمثل جرائم خطيرة كان بالإمكان منعها لو توفرت الإرادة الدولية، موضحا "هناك الكثير من الادعاءات والواجهات.. وقليل من الخطوات العملية"، مطالباً الدول الأعضاء بالتحرك لوقف الانتهاكات.
ودعا المفوض السامي إلى التصدي لهذه الفظائع التي تسعى لإخضاع شعب بأكمله باستخدام القوة المفرطة، محذراً من تفاقم العنف في ولايات كردفان ودارفور، حيث تتزايد عمليات القصف والحصار والتهجير القسري.
دعوات لاتخاذ إجراءات ضد من يغذّي النزاع
وطالب تورك باتخاذ إجراءات بحق الأفراد والشركات التي تؤجج وتستفيد من النزاع في السودان، مشيراً إلى أن مدينة الفاشر مغلقة بالكامل أمام العاملين في المجال الإنساني، الأمر الذي يفاقم معاناة السكان.
وقال إن تقارير موثوقة تشير إلى عمليات قتل واسعة النطاق، وإعدامات انتقائية تستهدف مجموعات إثنية، إضافة إلى العنف الجنسي بما فيه الاغتصاب الجماعي، والاختطاف مقابل الفدية، والاعتقالات التعسفية، والاعتداء على المرافق الطبية وفرق الإغاثة، منذ سيطرة "قوات الدعم السريع" على المدينة.
شهادة فريق الخبراء: الفاشر تحوّلت إلى “ساحة جريمة”
وفي مداخلة خلال الجلسة نفسها، قالت منى رشماوي، عضوة فريق الخبراء المستقلين، إن أجزاء واسعة من الفاشر تحوّلت إلى ساحة جريمة مفتوحة، موضحة أنه منذ سيطرة "الدعم السريع" على المدينة، جمع فريق الخبراء معلومات تشير إلى فظائع لا يمكن وصفها، تشمل عمليات قتل متعمد، وتعذيب، واغتصاب، واختطاف مقابل فدية، واحتجاز تعسفي، واختفاء قسري، وذلك على نطاق واسع، مضيفة أنه يجب إجراء تحقيق موسع لكشف الصورة الكاملة، لكن ما نعرفه حتى الآن مدمّر بما يكفي.
أوضاع الفاشر تنزلق نحو "انهيار سريع"
وفي تطور موازٍ، حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من انتهاكات خطيرة يتعرض لها عشرات آلاف النازحين في دارفور وكردفان، مشيرة إلى أن قيود دخول المساعدات الإنسانية تدفع نحو كارثة إنسانية محققة.
وقالت المفوضية إن الوضع في الفاشر، التي سيطرت عليها قوات "الدعم السريع" في 26 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، يتدهور بشكل متسارع، مع استمرار حصار الآلاف داخل المدينة، مقدرة عدد النازحين من الفاشر والمناطق المحيطة بنحو 100 ألف خلال الأسبوعين الأخيرين.
كما أكدت أن المساعدات تواجه عراقيل كبيرة تحول دون وصولها للمحتاجين، مما يهدد أرواح المدنيين، مشيرة إلى أنها تلقت فقط 35% من التمويل المطلوب لمواجهة الأزمة خلال العام الجاري، وأنها تحتاج إلى 84.2 مليون دولار لدعم عملياتها خلال العام المقبل.
واشنطن تطالب بقطع السلاح عن "الدعم السريع"
وكانت الولايات المتحدة قد دعت إلى تحرك دولي لوقف تدفق الأسلحة إلى "قوات الدعم السريع"، محمّلة إياها مسؤولية التصعيد الدامي في السودان، حيث قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في تصريحات للصحفيين، الأسبوع الماضي بكندا، إن "الوضع هناك مرعب ويستوجب اتخاذ خطوات عاجلة"، مضيفا أن "الدعم السريع" توافق على التزامات ثم لا تنفذها، وهي تعتمد على موارد ودعم خارجي من دول نعلمها جيداً، مؤكداً أن واشنطن ستتواصل مع هذه الدول لإيضاح العواقب إذا لم تتوقف الانتهاكات.
"الدعم السريع" ترفض الاتهامات
من جهتها، أبدت "قوات الدعم السريع" استياءها من تصريحات روبيو، ووصفتها بأنها غير موضوعية، نافية تلقيها أي دعم خارجي، موضحة في بيان لها، إن مواقف واشنطن قائمة على معلومات مغلوطة أو أحادية المصدر، وتهدد جهود مبادرة المجموعة الرباعية".
كما اتهمت "الدعم السريع" الجيش السوداني برفض المبادرات الدولية لوقف إطلاق النار، بما في ذلك الهدنة الإنسانية الأخيرة التي طرحتها دول الرباعية، كاشفة أنها قدمت ردها على مقترح الهدنة في 9 نوفمبر/ تشرين ثاني، لكنها لم تتلق أي رد من الجانب الأميركي.
وأكدت أنها لن تسمح بجعلها كبش فداء لإخفاء رفض الجيش للهدنة، نافية تورط قواتها في ارتكاب فظائع بحق المدنيين في الفاشر، مشيرة إلى أنها شكّلت لجان تحقيق داخلية، واعتقلت عدداً من العناصر المشتبه في تورطهم بجرائم.





