صحيفة عبرية: إسرائيل تستغل أزمات المياه في المنطقة لإنعاش اقتصادها

ملخص :
ذكرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية أن أزمة المياه في إيران وصلت إلى مستويات كارثية، حيث تستيقظ أحياء طهران على صنابير جافة، وتضطر المستشفيات إلى تقنين استهلاك المياه، فيما تجفّ السدود الكبرى، وأبرزت الصحيفة أن أكبر خزان مياه بالعاصمة قد يفرغ تمامًا خلال أسبوعين، بينما انخفضت مستويات ثلاثة سدود غربية رئيسية إلى أقل من 10% من طاقتها، دون توقعات بهطول أمطار.
وأضافت الصحيفة أن الجفاف الإيراني ليس مجرد نتيجة للتغير المناخي، بل يُعزى أيضًا إلى استنزاف المياه الجوفية بشكل مفرط، وبنية تحتية مهترئة تهدر كميات هائلة من المياه، وزراعة غير مستدامة، بالإضافة إلى جفاف أو تلوث الأنهار الرئيسية، مؤكدة أن أزمة المياه تهدد الوجود البشري ذاته، ما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية حادة، ويضعف قدرة النظام على تمويل الميليشيات وبرامج الصواريخ والنووي في ظل العقوبات الدولية وانهيار الاقتصاد.
من طهران إلى عمّان: اعتماد متزايد على إسرائيل
ليست إيران وحدها المتضررة، فالأردن تواجه وضعًا مشابهًا وأوضحت الصحيفة أن 9 من أصل 12 خزانًا جوفيًا رئيسيًا منهكة إلى حد الانهيار، بينما تراجع تدفق نهر الأردن الجنوبي بنسبة 90% مقارنة بسبعينيات القرن الماضي.
وحسب الصحيفة العبرية فإن الهدر المائي يصل إلى 50% مياه الشبكة، ويصل التزويد إلى المدن الرئيسية يومًا واحدًا في الأسبوع، وفي بعض القرى أقل من ذلك، وهنا يأتي الدور الإسرائيلي، إذ تزود إسرائيل الأردن بموجب اتفاقية السلام عام 1994 بما يقارب 50 مليون متر مكعب سنويًا، وقد ضاعفت الكمية عام 2021، كما يخطط مشروع "بروسبيريتي بلو" المدعوم إماراتيًا لضخ 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويًا من إسرائيل إلى الأردن، رغم تأخيرات سياسية، لعدم وجود بدائل أمام المملكة.
الأردن رفض توقيع اتفاقية الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل
أعلنت الحكومة الأردنية، في 16 نوفمبر/ تشرين ثاني، رفضها توقيع اتفاقية لتبادل الطاقة مقابل المياه مع إسرائيل، جراء حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.
وكان الأردن قد وقع في تشرين الثاني 2021 إعلان نوايا مع الإمارات وإسرائيل لدخول مرحلة تفاوضية لدراسة جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه، يتيح دراسة إمكانية حصول الأردن على 200 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، وأكدت وزارة المياه الأردنية أن هذا الإعلان لا يُعد اتفاقًا ملزمًا من الناحيتين القانونية والفنية، وأن تنفيذ المشروع مرتبط بتأمين الكمية المتفق عليها من المياه.
أزمة المياه في الأردن: واقع ضاغط
فيما أكدت وزارة المياه، في تصريحات سابقة، أن الأردن من أكثر دول العالم فقراً بالمياه، وأن العجز المائي يتزايد سنويًا، ويعتمد الأردن حاليًا على 35 مليون متر مكعب سنويًا بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل، إضافة إلى 10 ملايين متر مكعب تم الاتفاق عليها عام 2010 خارج المعاهدة، بينما يعتمد الباقي على المياه الجوفية وتجميع مياه الأمطار.
مصر: تحديات سد النهضة والتحلية المكلفة
في مصر، تواجه القاهرة أزمة مياه متفاقمة نتيجة سد النهضة الإثيوبي، إذ يوفر نهر النيل نحو 55 مليار متر مكعب سنويًا، أي نصف الاحتياجات الوطنية، وتسعى مصر لبناء عشرات محطات التحلية على السواحل المتوسطية والأحمر بتكلفة مليارات الدولارات، إلا أن التقدم بطيء بسبب استهلاك هذه المحطات الضخم للطاقة، وهو ما يرفع الاعتماد على الغاز الطبيعي الإسرائيلي، الذي تستورده القاهرة بمليارات الشواكل سنويًا.
وأكدت "غلوبس" أن محطة تحلية تنتج 300 مليون متر مكعب سنويًا تستهلك طاقة تعادل مدينة متوسطة، ما يجعل الاعتماد على الغاز الإسرائيلي عنصرًا جوهريًا لا غنى عنه مع توسع مشاريع التحلية.
فرص اقتصادية للاستثمار الإسرائيلي
تشير الصحيفة إلى أن اعتماد الأردن ومصر على إسرائيل في مجالي المياه والطاقة يخلق ديناميكيات اقتصادية جديدة، مع تعزيز الاستقرار الإقليمي وتقليل احتمالات التصعيد العسكري، بينما يفتح أبوابًا واسعة للاستثمار.
ويشهد قطاع الغاز الإسرائيلي طلبًا ثابتًا ومتزايدًا، ما يعزز قيمة الاحتياطيات كمكون رئيسي للبنية التحتية الإقليمية للمياه، كما من المتوقع أن توسع شركات مثل "نيو ميد إنيرجي" صادراتها لدعم محطات التحلية في الأردن ومصر، بينما قد تستفيد شركات الكهرباء مثل "OPC" من تشغيل محطات توليد الكهرباء المرتبطة بسلسلة إنتاج المياه المحلاة.
أما في قطاع التحلية، فتتمتع إسرائيل بنظام متطور عالميًا، فيما تتركز فرص الاستثمار في الشركات الداعمة لسلسلة القيمة، ومن أبرز الرابحين المتوقعين:
- شركة عميعاد (Amiad): متخصصة في أنظمة الترشيح والتنقية، مع نمو متوقع في الإيرادات مع توسع المشاريع الإقليمية.
- شركة أرد (A.R.D): رائدة في قياس استهلاك المياه وتقليل الهدر، خصوصًا في الأردن التي تعاني من التسرب الكبير في الشبكات.
- شركات البنية التحتية الكبرى مثل "أشتروم" و"إلكترا" قد تحصل على عقود لبناء خطوط أنابيب، محطات ضخ، وأنظمة كهرباء للمحطات الجديدة.
تحولات استراتيجية في الشرق الأوسط
تخلص الصحيفة إلى أن خريطة القوة في الشرق الأوسط تتغير ليس بسبب الصواريخ أو الطائرات، بل عبر التحكم بالمياه والطاقة، وهو ما ينعكس على المؤشرات المالية مباشرة: انخفاض عوائد سندات الخزينة الإسرائيلية، تحسن التصنيف الائتماني، دفع للناتج المحلي الإجمالي، وصعود سوق الأسهم المحلية.





