قراءة تحليلية.. ما هي قرارات مجلس الأمن لعام 2025؟

ملخص :
تنوعت قرارات 2025 بين تمديد بعثات حفظ السلام، فرض أو تجديد العقوبات، تدخلات أمنية مؤقتة، ودعم لآليات سياسية أو إنسانية. يهدف هذا البحث إلى تحليل هذه القرارات برموزها الرسمية، مع تفسير أهدافها ومضامينها والدلالات العامة المستخلصة.
ما هو مجلس الأمن؟
أنشأ ميثاق الأمم المتحدة ستة أجهزة رئيسة في إطار المنظمة، من بينها مجلس الأمن، وقد عهد الميثاق إلى هذا المجلس بالمسؤولية الرئيسة عن صون السلم والأمن الدوليين، وله أن ينعقد متى تهدد السلم.
وبحسب الميثاق، فإن للأمم المتحدة أربع غايات:
- صون السلم والأمن الدوليين.
- تنمية علاقات الود بين الأمم.
- التعاون في معالجة المشاكل الدولية وتعزيز احترام حقوق الإنسان.
- أن تكون مركزًا لتنسيق أعمال الأمم في تحقيق هذه الغايات.
وتلتزم جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها، وبينما تكتفي الأجهزة الأخرى في الأمم المتحدة بتقديم توصيات إلى الدول الأعضاء، فإن مجلس الأمن وحده يتمتع بسلطة اتخاذ قرارات تُلزم الدول الأعضاء بتنفيذها بموجب الميثاق.
صون السلم والأمن
عندما يُعرض على مجلس الأمن بلاغ بشأن تهديد للسلم، فإن أولى خطواته تكون عادةً الدعوة إلى تسوية النزاع بالوسائل السلمية، ويجوز له أن:
- يضع مبادئ لتلك التسوية.
- يجري تحقيقًا أو وساطة في بعض الحالات.
- يوفد بعثة.
- يعيّن مبعوثين خاصين.
- يطلب إلى الأمين العام استخدام مساعيه الحميدة لتسوية النزاع سلميًا.
وإذا تطور النزاع إلى اشتباكات، فإن المجلس يسعى قبل كل شيء إلى وضع حد سريع للأعمال العدائية، وقد يتخذ حينها تدابير من بينها:
- إصدار توجيهات بوقف إطلاق النار لدرء تصعيد النزاع.
- نشر مراقبين عسكريين أو قوات لحفظ السلام للمساعدة في تهدئة الوضع، وفصل القوات المتنازعة، وتهيئة الظروف الملائمة للتوصل إلى تسوية سلمية.
وإذا لم تُجْدِ تلك التدابير نفعًا، فإن المجلس قد يقرر فرض تدابير إنفاذ، منها:
- عقوبات اقتصادية، أو حظر على الأسلحة، أو جزاءات مالية وقيود، أو حظر سفر.
- قطع العلاقات الدبلوماسية.
- فرض حصار.
- بل وحتى اللجوء إلى عمل عسكري جماعي.
وتُولَى عناية كبرى لضمان توجيه هذه التدابير نحو المسؤولين عن السياسات أو الممارسات التي أدانها المجتمع الدولي، والحد من آثارها على بقية السكان والاقتصاد.
التنظيم
عقد مجلس الأمن أولى جلساته في 17 كانون الثاني/ يناير عام 1946 في مبنى "تشرتش هاوس" بمنطقة ويستمنستر في لندن، ومنذ ذلك الحين، اتخذ من مقر الأمم المتحدة في نيويورك مقرًا دائمًا له، رغم أنه عقد جلسات في مدن أخرى، مثل:
- أديس أبابا، إثيوبيا، في عام 1972.
- مدينة بنما، بنما.
- جنيف، سويسرا، في عام 1990.
ويتعين أن يكون لكل عضو في المجلس ممثل دائم في مقر الأمم المتحدة، كي يتسنى للمجلس الاجتماع في أي وقت تستدعيه الظروف.
تحليل قرارات مجلس الأمن لعام 2025
حسب الصفحة الرسمية لمجلس الأمن على الموقع الرسمي للأمم المتحدة، وحتى تاريخ إعداد هذه التقرير، فإن مجلس الأمن أصدر 26 قرارا، وأبرزها:
أولا: قرارات تمديد بعثات حفظ السلام
شهد عام 2025 استمرار الحاجة إلى بعثات حفظ السلام في مناطق النزاع، مثل أفغانستان، جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ولبنان، من أبرز هذه القرارات:
- S/RES/2777 تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (UNAMA) حتى مارس 2026، ما يعكس استمرار التعقيدات الأمنية والسياسية والحاجة إلى دور الأمم المتحدة في دعم الاستقرار.
- S/RES/2786 تمديد ولاية بعثة دعم الاتفاق في الحديدة (اليمن) حتى يناير 2026، ويشير إلى استمرار تدخل الأمم المتحدة في إدارة النزاع ومراقبة الامتثال للاتفاقات.
- S/RES/2790 تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في لبنان (UNIFIL) حتى ديسمبر 2026، ما يدل على استمرار دور الأمم المتحدة في مراقبة الحدود وحفظ الاستقرار الإقليمي.
- S/RES/2775 تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى، مع التركيز على حماية المدنيين وتعزيز حكم القانون في مواجهة الجماعات المسلحة.
ثانيا: قرارات العقوبات ومراقبة الجماعات المسلحة
اتخذ مجلس الأمن قرارات عديدة تتعلق بفرض العقوبات على جماعات وأفراد في مناطق النزاع بهدف الحد من أنشطتهم وتأثيرهم على الأمن الإقليمي:
- S/RES/2789 تجديد العقوبات على جماعات وأفراد في جمهورية أفريقيا الوسطى، مع تمديد ولاية لجنة الخبراء لتقييم الالتزام بالعقوبات وفاعليتها.
- S/RES/2769 عقوبات في ليبيا وتجديد ولاية فريق الخبراء لمراقبة تنفيذ هذه العقوبات، ما يدل على استمرار القلق الدولي تجاه عدم الاستقرار الليبي.
ثالثا: قرارات التدخل الأمني والدعم العسكري
شهد عام 2025 قرارات تعكس منح صلاحيات محدودة أو مؤقتة لتدخلات عسكرية أو قوات متعددة الجنسيات:
- S/RES/2793 السماح للدول الأعضاء بتشكيل قوة دولية لقمع العصابات في هايتي لمدة 12 شهرًا، مع إنشاء مكتب دعم للأمم المتحدة لتنسيق العمليات.
- S/RES/2803 تفويض قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة ضمن خطة "إنهاء الصراع في غزة"، ويعكس استجابة المجلس للأزمة الأمنية في القطاع.
رابعا: قرارات دعم العمليات الإنسانية
اهتمت قرارات 2025 بدعم العمليات الإنسانية في مناطق النزاع:
- S/RES/2786 تمديد البعثة في الحديدة (اليمن) مع إشراف على إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.
- S/RES/2775 حماية المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى وتعزيز وصول المساعدات الإنسانية.
هذا يوضح اهتمام المجلس بربط الأمن بالجانب الإنساني، وإدراك أن الاستقرار الطويل الأمد يتطلب معالجة الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين.
الاتجاهات العامة لقرارات 2025
تحليل القرارات الصادرة عام 2025 يشير إلى أن مجلس الأمن:
- يركز على مناطق النزاع التقليدية، مثل أفغانستان وأفريقيا الوسطى، مع الاهتمام ببعض الأزمات الجديدة كهايتي وغزة.
- يدمج البُعد الأمني مع البُعد السياسي والإنساني، حيث لم يعد القرار يقتصر على التمديد أو العقوبات فقط.
- يعتمد على التعاون الدولي والمراقبة الدقيقة من خلال بعثات أممية، قوات متعددة الجنسيات، ولجان خبراء.
- يتكيف مع التحديات الجديدة مثل العصابات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، عبر حلول مؤقتة قابلة للمراجعة حسب تطورات الميدان.
توضح قرارات مجلس الأمن لعام 2025 استمرار اهتمام الأمم المتحدة بحفظ السلام والأمن، مع تبني استراتيجيات شمولية تشمل الأمن، والسياسة، والدعم الإنساني، ويعكس هذا إدراك المجلس بأن الحلول التقليدية لم تعد كافية، وأن الإدارة الدولية للنزاعات تتطلب توازناً دقيقاً بين الضغط السياسي، والعقوبات، والدعم العسكري، والجهود الإنسانية.





