ما معنى "الإسلاموفوبيا" وما تداعياتها؟

ملخص :
يتمتع الإنسان بمجموعة من الحقوق الطبيعية، تشمل الحق في الحياة والغذاء والتعليم والصحة، إضافة إلى الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية، وعلى الدول ضمان هذه الحقوق عبر دساتيرها وقوانينها لضمان حياة كريمة لمواطنيها.
على المستوى الدولي، ظهرت محاولات لتشكيل مواثيق عالمية لحقوق الإنسان، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بهدف الحد من الانتهاكات، ومع ذلك، لا يزال المواطنون يتعرضون لانتهاكات متعددة، خاصة بسبب انتماءاتهم الدينية، ما أدى إلى انتشار مظاهر الخوف والكراهية ضد الآخرين على أساس ديني، ومن أبرزها ظاهرة رهاب الإسلام.
تعريف رهاب الإسلام وأبعاده
يُعرف عاى أنه "مواقف أو مشاعر سلبية عشوائية موجهة ضد الإسلام أو المسلمين"، وفي تعريف آخر "إنتاج اجتماعي للخوف والتحامل على الإسلام والمسلمين، يشمل التمييز والهجوم على الأفراد المرتبطين بالإسلام".
وتضمن رهاب الإسلام يتضمن ثلاثة أبعاد:
- سياسة جماعية: سياسات مؤسساتية تستهدف المسلمين افتراضياً على أنهم تهديد للأمن القومي.
- عداوة الأفراد: الاعتداءات والخوف الشخصي من المسلمين.
- خطاب التحريض: وسائل الإعلام والسياسات العامة التي تشرعن التعصب ضد المسلمين.
أسباب انتشار الإسلاموفوبيا
لا يوجد سبب وحيد لانتشار الإسلاموفوبيا، لكن الدراسات تشير إلى مجموعة عوامل:
- الصراعات التاريخية بين الغرب والإسلام وما رافقها من حروب.
- الصور النمطية السلبية عن المسلمين التي تروج لها بعض الجهات واللوبيات، بما في ذلك تسليط الإعلام الغربي على نشر ثقافة خاطئة عن الإسلام واعتباره دينًا إرهابياً ومتطرفًا.
- الأحداث الإرهابية، مثل هجمات 11 أيلول 2001، التي ساهمت في وصم المسلمين بالخطر والتشدد.
- ظهور التنظيمات المتطرفة كداعش، التي استغلت الدين لتبرير أعمالها، ما زاد من الخوف العام تجاه المسلمين.
تؤكد الدراسات أن هذه الأسباب تتداخل مع نظريات مثل صدام الحضارات التي طرحها صامويل هنتغتون، إضافة إلى تفسيرات تاريخية يقدمها برنارد لويس حول الصراع الطويل بين أوروبا والإسلام.
مظاهر رهاب الإسلام
تتجلى الإسلاموفوبيا في مجموعة من السلوكيات والممارسات، منها:
- التشكيك في الدين والاعتداء على الرموز الدينية، مثل حرق القرآن الكريم في السويد عام 2023 أمام السفارة التركية.
- خطابات الكراهية والتحريض، كمثال تصريحات سياسية مثل وصف الإسلام بأنه "سرطان" يجب استئصاله.
- التقييد القانوني لممارسة الشعائر، مثل حظر ارتداء الحجاب في فرنسا أو منع الصيام في إقليم شينجيانغ بالصين.
- الإعلام المعادي الذي يصور المسلمين كخطر إرهابي، مؤثرًا على الرأي العام العالمي.
- الاعتداءات الجسدية واللفظية على المسلمين، كما حدث في مجزرة كرايست تشيرش بنيوزيلندا 2019، أو الاضطهاد في ميانمار.
تداعيات الإسلاموفوبيا
الإسلاموفوبيا تشكل تهديدًا للسلم الاجتماعي والتعايش بين الشعوب، وتعزز التمييز والعنصرية، كما تؤثر على الاستقرار الداخلي للدول، وتزيد من مستويات التطرف والجريمة، كما تحرم المسلمين من ممارسة معتقداتهم بحرية، وتعرض حياتهم للخطر، خصوصًا في الدول الغربية التي تشهد ارتفاعًا في حملات الاستهداف ضدهم.
الجهود الدولية لمكافحة الظاهرة
سعت العديد من المؤسسات والدول لمواجهة الإسلاموفوبيا عبر:
- عقد مؤتمرات وندوات دولية، مثل المؤتمر الدولي في آذار 2023، الذي أوصى بسن قوانين تحظر الإساءة للأديان مع الحفاظ على حرية التعبير.
- إعلان الأمم المتحدة في 15 آذار يومًا دوليًا لمكافحة كراهية الإسلام، بدعم من باكستان، مع دعوة الأمين العام أنطونيو غوتيريش للعمل للقضاء على التعصب ضد المسلمين.
- جهود منظمة التعاون الإسلامي لتقليل التعصب الديني.
- إصدار قوانين وطنية، مثل قانون مكافحة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة عام 2021.
رغم هذه الجهود، لا تزال ظاهرة الإسلاموفوبيا قائمة في دول عديدة، حتى في تلك التي تتبنى الديمقراطية وحقوق الإنسان، ما يثير تساؤلات حول كفاية الإجراءات الدولية وضرورة تعزيزها بشكل أكثر صرامة.





