رسالة منسوبة للسنوار.. ماذا جاء فيها وما حقيقتها؟

ملخص :
نشر مركز "تراث الاستخبارات ومكافحة الإرهاب" في تل أبيب، رسالة قال إنها كُتبت بخط قائد حركة حماس الراحل، يحيى السنوار، واعتُبرت الرسالة، وفق العرض الإسرائيلي، إطاراً توجيهياً يتناول التحضيرات لعمل هجومي ضد إسرائيل، واحتوت فقرات تبدو كمقدمات أو إرهاصات لما جرى في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
عرض المحتوى والعبارات اللافتة
تتألف الرسالة، بحسب المزاعم، من خمس صفحات بعنوان "استدراكات ضرورية"، ما يوحي بأنها تكملة لتعليمات سابقة، ونقلت وسائل الإعلام عن وثائق منسوبة للسنوار توصيفات وإرشادات تفصيلية لكيفية مهاجمة معسكرات الجيش والكيبوتسات، تتضمن اقتراحات عملية مثل اختراق الجدار في 3 مواقع، وشن هجمات موجية، وتوزيع المسؤوليات وفق تدريج عسكري، إلى جانب مهام أمنية تفصيلية أخرى.
ولفتت أجزاء من الرسالة، التي ركز الإعلام الإسرائيلي على إبرازها، إلى ما وصف بتعليمات لبث الرعب في نفوس الإسرائيليين، واستثمار ذلك سياسياً لتأليب الشعور الفلسطيني والعربي، ومن العبارات الصريحة في نص الرسالة "الصورة المفجِّرة: يجب التأكد من خروج صور تفجر مشاعر النشوة والجنون والاندفاع لدى شعبنا.. وفي نفس الوقت، تفجر مشاعر الرعب والهلع لدى العدو".
توصيف مشاهد عنيفة وصور مروعة
تضمن نص الرسالة توصيفات تصف ما يجب أن تُبث من مشاهد، منها: "الدوس على رأس الجنود وإطلاق الرصاص عليهم من نقطة صفر، ذبح البعض بالسكين، تفجير الدبابات، وعدد من الأسرى وهم يجثون على ركبهم ويضعون أيديهم على رؤوسهم"، كما ورد فيها اقتراحات لعمليات إحراق واسعة باستخدام صهاريج لتموين النار: "الترتيب لعمليتين أو ثلاث أساسها حرق حي كامل أو كيبوتس.. حيث يتم رش المكان بالبنزين أو السولار… وبث الصور".
وبحسب ما نشره المركز الإسرائيلي، تضمن النص أيضاً توصيفات لمشاهد سيارات مفخخة تنبعث منها أصوات خالعة للقلوب، وتُحدث دماراً مرعباً، مع التأكيد على أن خمس أو عشر صور من هذا النوع لن تبقي لأحدهم قلباً بين ضلوعه.
مزاعم التزوير والتحفظات على المضمون
رغم عرض إسرائيل للرسالة، لم تؤكد مصادر داخل حماس صحة مضمونها، وأكد ثلاثة مصادر من داخل الحركة لوسائل إعلام عربية تشابه الخط مع ما يعرفونه عن خط السنوار، إلا أن اثنين منهم وضعا تحفظات مهمة، فأحد المصادر قال إن "التفاصيل الميدانية لم يكن السنوار منخرطاً بها"، والمصدر الثالث أثار احتمال تلاعب باستخدام خط شبيه لبث محتوى مزعوم، أي بمعنى آخر، الشبه في الخط لا يعني بالضرورة صحة المحتوى، أو أن السنوار هو كاتبه حقاً.
سجل من التزوير
وقد سُجلت حالات تزوير وادعاءات مماثلة؛ ففي سبتمبر/أيلول الماضي، أُجبرت صحيفة "جويش كرونيكل" على سحب مقالات لصحفي بعد أن فبرك وثائق قال إنها عُثِر عليها في غزة، وتثبت خططاً مزعومة للسنوار، كما نشرت صحيفة ألمانية وثيقة مزعومة لحماس تبين لاحقاً أنها مضللة.
الادعاء الإسرائيلي بشأن فحوصات وتحقيقات
ادعى مركز "تراث الاستخبارات ومكافحة الإرهاب" أن الرسالة كُتبت بخط السنوار، وأن هذا الأمر تَبَيَّن عبر فحوصات مخبرية، كما زعم أن الرسائل كانت من الغنائم التي جَمَعها الجيش خلال اقتحامه مراكز قيادة استخدمها السنوار وقادة آخرون أثناء الحرب على غزة، مضيفا أن معتقلين من حماس قدموا 1500 شهادة، وأن الجيش جمع 50 ألف صورة وشريطاً مصوراً توثق ما وصفه بـالترهيب.
سؤال المصداقية والقراءة التحليلية
يبقى من الضروري التمييز بين ثلاث مسائل منفصلة: شبهية الخط، صحة مضمون الوثيقة، ودقة سياق المصادر والادعاءات الإسرائيلية حول كيفية الحصول على الوثائق ونتائج الفحوصات المخبرية، وقد يدعم الشبه في الخط احتمال نسبتها، لكنه لا يغني عن تحقق مستقل من المحتوى وسياقه والظروف التي كتبت فيها الوثيقة بخاصة في ضوء سوابق التزوير ونشر وثائق مضللة في وسائل إعلام سابقة.
خاتمة
تُظهر هذه القضية مدى تعقيد التعامل مع وثائق الحرب والمعلومات الاستخبارية: من عرض الادعاء والتحقيقات المخبرية الإسرائيلية إلى التحفظات والشكوك داخل أوساط الحركة والشارع الإعلامي، يبقى الحكم النهائي مرهوناً بمزيد من الشفافية في طرق التوثيق ونتائج الفحوص العلمية والاختبارات التي تؤكد أو تنفي نسبية هذه الرسالة.





