قمة شرم الشيخ للسلام... توقيع اتفاق لإنهاء حرب غزة بغياب طرفي الصراع

ملخص :
شهدت "قمة شرم الشيخ للسلام" مشاركة واسعة من 31 من قادة وممثلي الدول والمنظمات الدولية، وترأسها كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وغاب عن القمة كلّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وممثلي حركة حماس، فيما حضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي صافح الرئيس الأميركي في مشهد رمزي لبدء صفحة جديدة من العلاقات.
الوثيقة.. أسس سلام شامل ومستدام
تضمنت الوثيقة التي وُقّعت في القمة نصاً يشير إلى الترحيب بالتقدم المحرز نحو إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة في قطاع غزة، وتعزيز العلاقات الودية والمثمرة بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة، وأكد القادة الموقّعون التزامهم بمستقبل يسوده السلام الدائم والازدهار المشترك، مشيرين إلى أن الاتفاق سيشكّل إطاراً عملياً لمتابعة الجهود الرامية إلى استقرار المنطقة، وإعادة إعمار غزة.
ترامب: لقد تحقق الحلم.. سلام للشرق الأوسط
في كلمته خلال القمة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد تارمب أن الاتفاق سيصمد، مؤكداً أن ما تحقق اليوم هو ما كان يُقال إنه مستحيل، مضيفا "أخيراً أصبح لدينا سلام في الشرق الأوسط"، مشدداً على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تكون مشروطة بنزع السلاح الكامل، وأن بلاده لن تموّل أي مشاريع تغذي دائرة الدماء، على حد تعبيره.
وأوضح ترامب أن التركيز في المرحلة المقبلة سيكون على إعادة بناء الحياة المدنية وتأسيس أجهزة شرطة محلية، مؤكداً أن الخطوات الأولى نحو السلام هي الأصعب دائماً، لكنها استُجيبَت أخيراً لصلاة الملايين.
كما قدّم شكره إلى الدول العربية والإسلامية التي أسهمت في إنجاح الجهود الدبلوماسية، لا سيما مصر وقطر وتركيا، مشيراً إلى أن التعاون العربي هو ما جعل هذا اليوم ممكناً.
السيسي: اتفاق شرم الشيخ فرصة تاريخية للسلام
ووصف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اتفاق شرم الشيخ بأنه فرصة أخيرة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، مؤكداً أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال السيسي "الفلسطينيون لهم الحق في إقامة دولتهم المستقلة إلى جانب إسرائيل"، مضيفاً أن الاتفاق الجديد يفتح الباب أمام عهد جديد من السلام والاستقرار في المنطقة، ومشيرا إلى أن بلاده ستعمل، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، على إطلاق مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة، مؤكداً أن الهدف هو الشروع في إعادة البناء دون تأخير.
"بارقة أمل" في تاريخ المنطقة
وفي كلمته عقب التوقيع، وصف السيسي التوصل إلى الاتفاق بأنه "ميلاد بارقة أمل" لطي صفحة أليمة من تاريخ البشرية، وفتح الطريق نحو مستقبل يسوده التعايش والسلام، قائلا "إن مشاهد الفرح في غزة وإسرائيل والعالم بعد إعلان الاتفاق تعكس الرغبة الشعبية المشتركة في إنهاء الصراعات"، ومضيفا "علينا أن نجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة يسودها العدل والتعاون المشترك بين الشعوب، من أجل مستقبل أفضل لأبناء المنطقة".
رسالة إلى الشعب الإسرائيلي
وجّه السيسي نداءً مباشراً إلى الشعب الإسرائيلي قائلاً "لنجعل هذه اللحظة بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي.. دعونا نتطلع سوياً لمستقبل أفضل لأبناء بلادنا، ومدّوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة"، مؤكدا أن السلام خيار استراتيجي لمصر وللعالم العربي، وأن التجربة التاريخية أثبتت أن هذا الخيار لا يمكن أن يقوم إلا على العدالة والمساواة في الحقوق.
إشادة متبادلة بين ترامب والسيسي
وأشاد ترامب بالرئيس المصري واصفاً إياه بأنه زعيم قوي، مؤكداً أن مصر لعبت دوراً محورياً في إنهاء الحرب في غزة.
من جهته، ثمّن السيسي جهود الرئيس الأميركي قائلاً "لقد أثبتم أن القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب، بل في القدرة على إنهائها"، وأضاف موجهاً حديثه لترامب "أنت الوحيد القادر على تحقيق السلام في المنطقة"، مشيراً إلى أن القاهرة تتطلع إلى دعم الرئيس الأميركي لمؤتمر إعادة إعمار غزة المقرر عقده في نوفمبر/تشرين الثاني 2025.
مداولات المرحلة الثانية من المفاوضات
كشف الرئيس الأميركي أن المرحلة الثانية من المحادثات بين الأطراف المعنية قد بدأت بالفعل، وتشمل مناقشة مستقبل الحكم في قطاع غزة والجدول الزمني لانسحاب القوات الإسرائيلية، مشيرا إلى أن مراحل التفاوض متداخلة ومستمرة بهدف ضمان تنفيذ الاتفاق بصورة متكاملة، مؤكداً أن بلاده ستعمل على دعم ترتيبات الحوكمة والأمن بما يضمن استقرار القطاع بعد انتهاء الحرب.
بيان الرئاسة المصرية: متابعة التنفيذ وضمان الاستمرارية
وأوضحت الرئاسة المصرية في بيانها الختامي أن القمة ركزت على ضرورة التعاون الدولي لضمان تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استمراريته.
وأكد البيان أهمية وقف الحرب في غزة بصورة شاملة، واستكمال عملية تبادل الأسرى والرهائن والانسحاب الإسرائيلي التدريجي، إلى جانب تأمين دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع.
وأشار البيان إلى أن القمة شددت كذلك على أهمية البدء في مناقشة آليات تنفيذ المراحل التالية من خطة ترامب للتسوية، بدءاً من قضايا الحوكمة والأمن، مروراً بعملية إعادة الإعمار، وانتهاءً بالمسار السياسي الشامل للتسوية النهائية.
مجلس السلام وإدارة مرحلة ما بعد الحرب
وأعلن الرئيس الأميركي عن نيّته تشكيل مجلس للسلام يضم عدداً من القادة المشاركين في القمة، داعيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الانضمام إليه للمساهمة في إدارة مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
وأوضح ترامب أن هذا المجلس سيعمل على الإشراف على جهود إعادة الإعمار، وضمان استقرار القطاع، ومتابعة تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، في إطار رؤية أشمل تهدف إلى تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة آمنة ومزدهرة.
خاتمة: بداية عهد جديد للمنطقة
بهذا الاتفاق، تكون قمة شرم الشيخ للسلام 2025 قد دشّنت مرحلة جديدة في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بعد سنوات من الحروب والمعاناة، ويرى المراقبون أن نجاح الاتفاق يعتمد على التزام الأطراف ببنوده وضمان تنفيذها الفعلي، إلى جانب دعم المجتمع الدولي لعملية إعادة إعمار غزة وتثبيت وقف النار، وفيما عبّر قادة العالم عن أملهم بأن يشكل هذا الاتفاق منعطفاً حقيقياً نحو سلام دائم في الشرق الأوسط، يبقى اختبار التنفيذ هو التحدي الأكبر أمام الأطراف جميعها.